كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال في الروض‏:‏ إنما دفع أشراف العرب أولادهم إلى المراضع في القبائل ولم يتركوهم عند أمهاتهم لينشأ الطفل في الأعراب فيكون أفصح للسانه وأجلد لجسمه وأجدر أن لا تفارقه الهيئة المعربة كما قال في الحديث‏:‏ تمعددوا واخشوشنوا فكان ذلك يحملهم على الرضعاء إلى المراضع الأعرابيات وكان عبد الملك بن مروان يقول‏:‏ أضرنا حب الوليد لأن الوليد كان لحاناً لكونه أقام مع أمه وغيره من إخوته أسكنوا البادية فتعربوا ثم أدبوا فتأدَّبوا‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الهيثمي‏:‏ فيه ميسر بن عبيد وهو متروك‏.‏

2685 - ‏(‏أنا ابن العواتك‏)‏ جمع عاتكة ‏(‏من سليم‏)‏ قال في الصحاح ثم القاموس‏:‏ العواتك من جداته تسع وقال غيره‏:‏ كان له ثلاث جدات من سليم كل تسمى عاتكة وهنَّ عاتكة بنت هلال بن فالج بالجيم بن ذكوان أم عبد مناف وعاتكة بنت مرة بنت هلال بن فالج أم هاشم وعاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال أم وهب أبي آمنة وبقية التسع من غير بني سليم قال الحليمي‏:‏ لم يرد بذلك فخراً بل تعريف منازل المذكورات ومنازلهنَّ كمن يقول كان أبي فقيهاً لا يريد به إلا تعريف حاله ويمكن أنه أراد به الإشارة بنعمة اللّه في نفسه وآبائه وأمهاته قال بعضهم‏:‏ وبنو سليم تفخر بهذه الولادة ‏[‏ص 39‏]‏ وفي رواية لابن عساكر أن ابن الفواطم وهذا قاله يوم حنين قال في الروض‏:‏ وعاتكة اسم منقول من الصفات يقال امرأة عاتكة وهي المصفرة بالزعفران والطيب وفي القاموس العاتك الكريم والخالص من الألوان وقال ابن سعد‏:‏ العاتكة هي في اللغة الطاهرة‏.‏

- ‏(‏ص طب عن سبابة‏)‏ بمهملة مكسورة ومثناة تحتية ثم باء موحدة بضبط المصنف بخطه تبعاً لابن حجر ‏(‏ابن عاصم‏)‏ ابن شيبان السلمي له صحبة قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح وقال الذهبي كابن عساكر في التاريخ اختلف على هشيم فيه‏.‏

2686 - ‏(‏أنا النبي‏)‏ هذا وما قبله وما بعده من قبل ما ورد فيه الجملة الخبرية لأمور غير فائدة الخبر ولازمه والقصد به هنا إظهار شرفه وكونه عند ربه بمكان عليٍّ حيث خصه بأنه النبي ‏(‏الأمي‏)‏ أي الذي جعلني اللّه بحيث لا أهتدي للخط ولا أحسنه لتكون الحجة أثبت والشبهة أدحض‏.‏ ‏{‏النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم‏}‏ وهذا أعلى درجات الفضل له حيث كان أمياً آتياً بالعلوم الجمة والحكم المتوافرة وأخبار القرون الماضية بلا تعلم خط واستفادة من كتاب ‏(‏الصادق الزكي‏)‏ أي الصالح يقال زكى الرجل يزكو إذا صلح زكيته بالتثقيل نسبته إلى الزكاء بالمد وهو الصلاح ‏(‏الويل كل الويل‏)‏ أي التحسر والهلاك كله ‏(‏لمن كذبني‏)‏ فيما جئت به من عند اللّه ‏(‏وتولى عني‏)‏ أعرض ونأى بجانبه ‏(‏وقاتلني، والخير لمن آواني‏)‏ أي أنزلني عنده وأسكنني في سكنه ‏(‏ونصرني‏)‏ أعانني على عدوي وقوّى شوكتي عليه يقال نصرني على عدوي ونصرته منه نصراً أعنته قوّيته ‏(‏وآمن بي وصدق قولي‏)‏ الظاهر أن الجمع للإطناب إذ الإيمان للتصديق وقد يتمحل للتغاير ‏(‏وجاهد معي‏)‏ في سبيل اللّه أي بذل وسعه وطاقته في القتال لنصرة الدين وذكره ابن ظفر عن سفيان المجاشعي أنه رأى قوماً من تميم اجتمعوا على كاهنتهم فسمعها تقول العزيز من والاه والذليل من حالاه والموفور من مالاه فقال سفيان‏:‏ من تذكرين‏؟‏ قالت‏:‏ صاحب حل وحرم وهدي وعلم وبطش وحلم وحرب وسلم فقال سفيان‏:‏ للّه أبوك من هو‏؟‏ قالت‏:‏ نبي قد أتى يبعث إلى الأحمر والأسود بكتاب لا يفند اسمه أحمد‏.‏ قال المؤلف‏:‏ من خصائصه إتيانه الكتاب وهو أميٌّ لا يقرأ ولا يكتب‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن عبد عمرو بن جبلة‏)‏ بفتح الجيم والموحدة ‏(‏الكلبي‏)‏ له وفادة وشعر في الطبقات‏.‏

2687 - ‏(‏أنا أبو القاسم‏)‏ هذا أشهر كناه وكنيته أيضاً أبو ابراهيم وأبو المؤمنين قال ابن دحية‏:‏ وأبو الأرامل ولم يطلع عليه ابن جماعة فعزاه لبعض مشايخه ‏(‏اللّه يعطي‏)‏ عباده من ماله من نحو فيء وغنيمة ‏(‏وأنا أقسم‏)‏ ذلك بينهم والمراد أن المال مال اللّه والعباد عباد اللّه وأنا قاسم بإذن اللّه بينكم فمن قسمت له قليلاً أو كثيراً فبإذن اللّه وقد يشمل قسمة الأمور الدينية والعلوم الشرعية أي ما أوحى اللّه إليه من العلوم والمعارف والحكم يقسمه بينهم فيلقي إلى كل أحد ما يليق به ويحتمل واللّه يعطي فهم ذلك لمن شاء‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في أخبار النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم على شرط مسلم وأقرّه الذهبي‏.‏

2688 - ‏(‏أنا أكثر الأنبياء تبعاً‏)‏ بفتح المثناة الفوقية والباء الموحدة جمع تابع كخدم جمع خادم وهذا نصب على التمييز ‏(‏يوم القيامة‏)‏ خصه لأنه يوم ظهور ذلك بالجمع وهذا يوضحه حديث مسلم أيضاً إن من الأنبياء من يأتي يوم القيامة ما معه مصدِّق غير واحد ثم إن الجزم هنا لا ينافيه قوله في حديث أبي هريرة وأرجو أن أكون أكثرهم تبعاً فلعله ‏[‏ص 40‏]‏ قبل أن يكشف له عن أمته ويراهم ثم حقق اللّه له رجاءه ‏(‏وأنا أوَّل من يقرع باب الجنة‏)‏ أي يطرقه للاستفتاح فيفتح له فيكون أوَّل داخل كما سبق والقرع بالسكون الطرق يقال طرقت الباب بمعنى طرقته ونقرت عليه‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الإيمان ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ولم يخرجه البخاري‏.‏

2689- ‏(‏أنا أوَّل الناس خروجاً إذا بعثوا‏)‏ أي أثيروا من قبورهم‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ بعث الشيء وبعثره أثاره ويوم البعث يوم يبعثنا اللّه من القبور‏.‏ قال الرافعي في الكلام على هذا الخبر هو معنى قوله أنا أوَّل من تنشق عنه الأرض وهذا من كمال عناية ربه به حيث منحه هذا السبق وفيه مناسبة لسبقه بالنبوة ‏(‏وأنا خطيبهم إذا وفدوا‏)‏ أي قدموا على ربهم قال بعض شراح الترمذي‏:‏ وهذه خطبة الشفاعة وقيل قبلها وقال خطيبهم دون إمامهم لأن الكلام في الآخرة ولا تكليف فيها وفيه رفعته على جميع الخلق في المحشر ‏(‏وأنا مبشرهم‏)‏ أي وأنا مبشرهم بقبول شفاعتي لهم عند ربي ليريحهم ‏(‏إذا أيسوا‏)‏ كذا هو بخط المصنف وفي نسخ أبلسوا وهو رواية من الإبلاس الانكسار والحزن لأنه البشير النذير ‏(‏لواء الحمد‏)‏ أي رايته ‏(‏يومئذ‏)‏ أي يوم القيامة ‏(‏بيدي‏)‏ جرياً على عادة العرب أن اللواء إنما يكون مع كبير القوم ليعرف مكانه إذ موضوعه أصالة شهرة مكان الرئيس وقد سئل المؤلف عن لواء الحمد هل هو لواء حقيقي أو معنوي فأجاب بأنه معنوي وهو الحمد لأن حقيقة اللواء الراية ولا يمسكها إلا أمير الجيش فالمراد أنه يشهر بالحمد يومئذ وما ذكره ليس من عندياته بل هو أحد قولين نقلهما الطيبي وغيره فقال‏:‏ يريد به انفراده بالحمد يوم القيامة وشهرته به على رؤوس الخلائق أو أن للحمد لواء يوم القيامة حقيقة يسمى لواء الحمد وعليه كلام النوربشتي حيث قال‏:‏ لا مقام من مقامات عباد اللّه الصالحين أرفع وأعلى من مقام الحمد ودونه ينتهي جميع المقامات ولما كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أحمد الخلائق في الدارين أعطي لواء الحمد ويأوي إلى لوائه الأولون والآخرون وأضاف اللواء إلى الحمد الذي هو الثناء على اللّه بما هو أهله لأنه هو منصبه في الموقف وهو المقام المحمود المختص به ‏(‏وأنا أكرم ولد آدم على ربي‏)‏ إخبار بما منحه من السؤدد والإكرام وتحدث بمزيد الفضل والإنعام من كرامته على ربه أن أقسم بحياته وأشفق عليه فيما كان يتكلفه من العباد وطلب منه تقليلها ولم يطلبه من غيره بل حثهم على الزيادة وأقسم له أنه من المرسلين وأنه ليس بمجنون وأنه على خلق عظيم وأنه ما ودَّعه وما قلاه وولد مختوناً على ما يأتي لئلا يرى أحد عورته واستأذن ملك الموت عليه في الدخول في قبض روحه ولم يفعل ذلك لأحد غيره وسبق أنه بعث بالبيان للتبيان ولما كان ذا من الأصول الاعتيادية التي قام الإجماع على وجوب اعتقادها بينه بهذا القول وأردفه بقوله ‏(‏ولا فخر‏)‏ دفعاً لتوهم إرادته الافتخار به وهو حال مؤكدة أي أقول ذلك غير مفتخر به فخر تكبر قال القرطبي‏:‏ إنما قال ذلك لأنه مما أمر بتبليغه لما يترتب عليه من وجوب اعتقاد ذلك وأنه حق في نفسه وليرغب في الدخول في دينه ويتمسك به من دخل فيه ولتعظم محبته في قلوب متبعيه فيكثر أعمالهم ويطيب أحوالهم فيحصل شرف الدنيا والآخرة لأن شرف المتبوع متعد لشرف التابع فإن قيل هذا راجع للاعتقاد فكيف يحصل القطع به من أخبار الآحاد قلنا من سمع شيئاً من هذه الأمور من النبي صلى اللّه عليه وسلم مشافهة حصل له العلم به كالصحابة ومن لم يشافهه حصل له العلم به من طريق التواتر المعنوي لكثرة أخبار الآحاد به قال في الفتوحات وفي رواية بالزاي وهو التبجح بالباطل‏.‏

- ‏(‏ت عن أنس‏)‏ وفيه الحسين بن يزيد الكوفي قال في الكاشف‏:‏ قال أبو حاتم لين‏.‏

2690 - ‏(‏أنا أوَّل من تنشق عنه الأرض‏)‏ أي أوَّل من تعاد فيه الروح يوم القيامة ويظهر ‏(‏فأكسى‏)‏ ‏[‏ص 41‏]‏ بالبناء للمجهول ‏(‏حلة من حلل الجنة‏)‏ ويشاركه في ذلك إبراهيم الخليل عليه السلام وهذا دلالة على قربه من ربه وكرامته عليه إذ يكسى حيث عري الناس من لباس الجنة قبل دخولها كدأب الملوك مع خواصها فله المقام الخاص المعبر عنه بالمحمود ألا ترى إلى قوله ‏(‏ثم أقوم عن يمين العرش‏)‏ تلويح بقربه من ربه وكرامته عنده إذ يكسى من الجنة قبل دخولها بلباس ويقوم عن يمين العرش ‏(‏ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيري‏)‏ خصيصة شرفني اللّه تعالى بها، وأحد أعم العام وهو مدخول النفي والخلائق جمع خلق فبشمل الثقلين والملائكة وهذا هو الفضل المطلق ولا يعارضه خبر الشيخين أنا أول من يرفع رأسه بعد النفخة فإذا موسى عليه السلام متعلق بالعرش لجواز أن يكون بعد البعث صعقة فزع يسقط الكل ولا يسقط موسى عليه السلام اكتفاء بصعقة الطور فحين يرفع رأسه من هذه الصعقة يراه أخذاً بجانب العرش فيكون المراد من النفخة تلك الصعقة ذكره القاضي‏.‏

- ‏(‏ت عن أبي هريرة‏)‏

2691 - ‏(‏أنا أول من تنشق عنه‏)‏ للبعث فلا يتقدم أحد عليه بعثاً فهو من خصائصه ‏(‏ثم أبو بكر‏)‏ الصديق لكمال صداقته له ‏(‏ثم عمر‏)‏ الفاروق لفرقه بين الحق والباطل ‏(‏ثم آتي أهل البقيع‏)‏ لكرامتهم على ربهم وشرفهم لديه باستغفار نبيه لهم وقربهم منه قال القاضي‏:‏ آتي فعل المتكلم والبقيع مقبرة المدينة ‏(‏فيحشرون معي‏)‏ أي أجتمع أنا وإياهم قال الطيبي‏:‏ الحشر هنا الجمع كقوله تعالى ‏{‏وأن يحشر الناس ضحى‏}‏ ‏(‏ثم أنتظر أهل مكة‏)‏ أي المسلمين منهم حتى يأتون إليَّ وزاد في رواية حتى أحشر بين الحرمين قال السمهودي‏:‏ وفيه بشرى عظيمة لكل من مات بالمدينة وإشعار بذم الخروج منها مطلقاً وهو عام في كل زمان كان نقله المحب الطبري وارتضاه‏.‏

- ‏(‏ت ك‏)‏ كلاهما ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الترمذي‏:‏ غريب وقال في الميزان‏:‏ حديث منكر جداً وقال المناوي‏:‏ فيه عاصم بن عمر العمري قال الترمذي‏:‏ ليس بالحافظ والذهبي‏:‏ ضعفوه وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال‏:‏ لا يصح ومداره على عبيد اللّه بن نافع قال يحيى‏:‏ ليس بشيء وقال علي يروي أحاديث منكرة وقال النسائي‏:‏ متروك‏.‏

2692 - ‏(‏أنا سيد ولد آدم يوم القيامة‏)‏ خصه لأنه يوم مجموع له الناس فيظهر سؤدده لكل أحد عياناً، وصف نفسه بالسؤدد المطلق المفيد للعموم في المقام الخطابي على ما تقرر في علم المعاني فيفيد تفوقه على جميع ولد آدم حتى أولو العزم من الرسل واحتياجهم إليه كيف لا وهو واسطة كل فيض وتخصيصه ولد آدم ليس للاحتراز فهو أفضل حتى من خواص الملائكة كما نقل الإمام عليه الإجماع ومراده إجماع من يعتد به من أهل السنة ‏(‏وأول من ينشق عنه القبر‏)‏ أي أول من يعجل إحياؤه مبالغة في إكرامه وتخصيصاً له بتعجيل جزيل إنعامه قال القرطبي‏:‏ ويعارضه خبر أنا أول من يبعث فأجد موسى عليه السلام متعلقاً بساق العرش ‏(‏وأول شافع‏)‏ للعصاة أي لا يتقدمني شافع لا ملك ولا بشر في جميع أحكام الشفاعات ‏(‏وأول مشفع‏)‏ بشد الفاء أي مقبول الشفاعة ولم يكتف بقوله أول شافع لأنه قد يشفع الثاني فيشفع قبل الأول قال ذلك امتثالاً لقوله تعالى ‏{‏وأما بنعمة ربك فحدث‏}‏ وهو من البيان الذي يجب تبليغه‏.‏